الطريق إلى الله

بسم الله  الرحمن الرحيم  والصلاة والسلام على أشرف المرسلين  والحمد لله رب العالمين 

مقال  بعنوان  الطريق الى الله 

من الجبلة  المفطورة  ان  الوصول الى الشيء   يلزمه  السبب    وعلى حسب السبب وقوته تصل وتدرك الحقيقة المرجوةة  .

   فمثلا  رجلا اراد السفر  من  دولته الى دولة  اخرى  لزمه  الركوب او الراحلة ، بعدما  يحدد  وجهته وموقعها،  والا لن يصل  اليهاأبدا  ولو كانت  مركبته  صاروخ او طائرة نفاثة  ،  فمادام  ليس على الطريق  فلن يصل و لو اتخذ  اكبر سبب في هذا.

   فمثلا من أراد  ان يسفار الى الغرب  من الارض  واتجه  شمالها  فمن المحال  ان يصل  الى الغرب   و لو كانت سرعته  اسرع  من سرعة الضوء  والسبب بسيط انه  لم يعرف الطريق  ووجهته.

     ولهذا قال  الله  في كتابه الكريم   في قصة  ذي القرننين  واتيناه من كل شي سببا  فاتبع  سببا،  فالشاهد  بعد  التوفيق من الله  انه اتبع  السبب فلو لم يتبع السبب  فلن يصل وهكذا وكما  قيل من سار على الدرب وصل. 

.

فمن هذه المقدمة والتي هي بدورها تمثلت في حقيقة فطرية   ان الوصول  الى الشي يلزمه السبب    فهل منا  من  سأل نفسه  اين  الطريق  الى الله ؟

وماهو السبب الموصل  اليه ؟ 

 وهل توجد  عدة طرق مختلفة   توصل  اليه ؟ 

 وماهو السبب او الركوب او الراحلة الموصلة  اليه ؟

 وهل  سبق  احد  ووصل  الى الله  واتبع  الطريق  وسار على راحلته   ورسم لنا  معالم الطريق حتى نتبعها؟

رغم  سهولة هذه الاسئلة   الا انها  عظيمة الشان 

والجواب  عنها

  اقول  لك   ايها المخلوق  ايها الانسان   هل تعلم انك  ما خلقت وما وجدت  في هذا الكون  الا  من اجل ان تعرف اين هو الطريق  وماهو السبب الموصل اليه؟

اكيد مما لا شك فيه ان العقل  والتفكير في الملكوت يبين لك الطريق  ولن تحتاج لشرع او كتاب او رسول او نبي( فالله اكبر شي) ان احسنت

التفكير  فستنقادك فطرتك لمعرفة ربك وتوحده بالعبادةوتجعلك  تحب من هم على دينك كما انهاتجعلك تنفر وتبغض من هم على خلاف دينك لكن الشرع يعلمك كيف تتعامل  معهم في حياتك اليومية.

واليوم لا بد من الشرع والا لن تصل الى لله ابد فشهادة التوحيد تخللتها شهادة محمد رسول الله.

 ايها الانسان الكريم  أدلك باذن الله  على  من يدلك على الطريق  وقد سلكه   ووضع لك المعالم  وأوضحها  وبينها   للسالك   .

 فان  اتبعتها   ستصل  كما وصل  ،ولن تجد ولايوجد من  يبين لك الا  من مر  بهذا الطريق وسلكه   .

  انه  نبي الرحمة الكريم  المرسل من الله ختم به حافلة الرسل  والانبياء  الدالين على  الطريق  وعلى الراحلة فهو محمد بن عبد الله  صلى الله عليه وسلم .

فهو اتبع  سبيل من سبق  من  اخوته  السائقين  السابقين  العالمين بالطريق   وختم به الرسالات  واتم  به  الدعوات وأنار به  الطريق  وأنزل عليه  كتابا  مهيمنا  لما بين يديه من الكتب  ونسخ  به  كل  الرسالات  وحدد الطريق  من نقطة الانطلاق  الى نقطة الوصول .

ومن المستحيل  وبالقطع المحتوم  ان  تعرف الطريق ولن تصل الى الله ولن يقبل منك  اي نية وقصد الا اذا عرفت   هذا النبي الكريم  لان شهادته  وطريقه  تتظمن  شهادة وطريق الله   فهم سواء.

اما الطريق  فهو طريق واحد  سبيل واحد  خط مستقيم  ولا يوجد الا طريق ومسار واحد.

 من خرج عنه   هلك .

قال  هذا النبي الكريم  محمد صلوات ربي وسلامه عليه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَطًّا، وَخَطَّ عَنْ يَمِينِهِ خَطًّا، وَخَطَّ عَنْ يَسَارِهِ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ» ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا فَقَالَ: «هَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ» ، وَقَرَأَ {أَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} فَتَفَرَّقَ بِكُمْ، 

اولا  هل علمت  يا أخي  الانسان  انه  طريق واحد  وهو مستقيم لاعوج فيه   واعلم ان هذا الطريق  له  منطلق واحد  وبداية واحدة    وله منتهى  واحد  .

امّا وجهته  اخي  فالحمد لله   اينما تولوا فثم وجه الله   انه  طريق الله  المسقيم  القويم  صراط الذين  انعم الله  عليهم   غير  المغصوب عليهم ولا الضالين   -امين-

قد عرفنا  الطريق  انه  مستقيم  وواحد  والذي  اخبرنا بذالك  هو نبي كريم صلوات  ربي وسلامه عليه  فماهي  الركوب ؟؟او السفينة الموصلة اليه ؟

  

 انها  سفينة نوح  اخي  انه  راس الامر  انها نقطة البداية انه -اصل الدين-  انها ملة جدك ابراهيم  عليه السلام  مسلما  حنيفا وماكان  من المشركين    .

 وهذا الامر يتحقق  في كل مخلوق  من الانس والجان  اراد  السلوك  فيجب ان ينطلق من هذا النقطة  يركب هذه السفينة  او  السبب  الموصلة  اليه  وهو سبب واحد  انها شهادة التوحيد  انها كلمة الاخلاص انها كلمة الاسلام والهدى والتقي   هي السفية  او الركوب او الراحلة او القطار  سميها ما شئت  الا انها حقيقة واحده فبدون  تحقيق  كلمة التوحيد اشهد ان لااله الاالله  واشهد ان محمد رسول  من المحال  ان تصل  ايه الانسان .

فالبداية الصحيحة  والمنطلق الراسخ  الموصل  الى الله جلا جلاله وتقدست اسمائه   هي معرفتك للتوحيد والعمل  به قولا وعملا واعتقادا  فيصير  قلبك  ضياء  ويبتهج نورا  فيهتدي مسرعا مقبلا  الى  نهايته  ومبتغي ذاك النور  ،الذي يسطع   ويجد ضالته وهو الطرط المستقيم  المتمثل في سنة وهدي ومنهج رسول الله  وطريقه  الذي سار فيه 

 فتجد  نفسك وروحك وجسدك وكل الكون متناسق  في سنفونية  بديعة   متناسقة  تشد بعضها بعضا  كلها تدور في فلك واحد  تسبح بحمد ربها  فيكون طريقك صحيح  لانه يستمد نوره من منتهى الطريق بالنسبة  اليك

 فالله  كان ولم يكن قبله شي  فهو اولا بلا ابتداء واخر بلا انتهاء    وهو  الله  الذي لااله الاهو نور السموات والارض والذي بنوره  اشرقت الارض كماقال الحي القيوم

ايها الانسان  تدبر ما أخطه  لك  لانك بدون التوحيد  انت ميت في هذه الحياة  ولست على الطريق   فمثلك   كالحيوان

  فوالله  انك أضل من الانعام  ان لم تكن على هذا الطريق كما وصف  الباري جل في علاه  ان هم الا  كالانعام بل هم اضل سبيلا هل علمت لماذا ؟؟؟

 لانك  بدون   هذا الطريق انت في الظلمات  ولست بخارج منها   انت  ميت  في حياة البشر  فلا    حياة تستقيم ولا شي يسعد به قلبك،  فالله  قال  """ اومن  كان ميتا فاحينناه  وجعلنا له نورا  يمشي به في  الناس  كم مثله في الظلمات ؟؟؟""

  فهل  يستوي  من  له  نورا وضياء  يسير به في ظلمات  البر والبحر   فيبصر طريقه   ويتقي  شر ما يرى   وبين  من هو اعمى  وفي اليل الحالك فلا يبصر فيه   فاول خطوة ان كان بها شرا هلك .

.  ان  القلب  الموحد لله  المحقق لمعاني كلمة التوحيد   يجد لها أثرا  في  نفسه  وسلوكه  ومنهجه  وحياته برمتها  ويكفي  ان القلب  هو الملك  والاعضاء  الجوارح جنود مطاعة  ان صلح القلب  صلح الجسد كله  وان فسد   فسد الجسد كله ولن يصلح القلب الا  اذا حقق  معاني كلمة التوحيد   فيصبح  له  ضياء ونورا  وبهجة وسرورا  يطمئن   ويرتاح  ويسعد     فيصبح  قلبه  كاشف  للحقائق  والمعاني وصدق من قال اتق الله  ترى العجب .

 واكبر عجب  ان يكون الله  الذي  نوره لو  كشف لاحرقت سبحات وجهه ما انتهي اليه بصره من خلقه  ان يكون سمعك  الذي  تسمع به  وبصرك الذي  تصبر  به  ويداك  التى تبطش بها  و هكذا   حياة طيبة  ابدية  تعيش  لله  وفي رضى الله  ويوم القيامة  تتلذ بالنظر الى وجه الكريم 

وعلى سبيل المثال  خذ قريشا  وهي صميم العرب وكان عندها البيت الحرام  فهي قبلة العرب   ،ومع ذالك الحروب والتنافر  ووئد البنات والظلمات والوثنية  والعرب حولها مشتتة  متنافرة تنفار البغل الشموس  يذبح بعضهم بعضا    كلمتهم مهانة   عند غيرهم  من الروم والفرس،  رعاء الشاة  الحفاة العراة 

  لكن  لما  انطلقوا   المنطلق الصحيح  ووضعت  قدمهم على الطريق الصحيح فوحدوا الله  فجمعت قلوبهم على قلب واحد   فصارت   كنوز كسرى  وقيصر   في يد سراقة  صاحب البدو والخيمة   في يده اساورة اكبر عظيم في ذاك الزمن  

  ففتحوا البلاد  والعباد  ودانت لهم الارض بما رحبت  وصارت   الى ان  حكمت   من الاندلس  الى  ارض السند   وكانت تخاطب السحابة  ان الخراج يأتي  اينما  نزلت  فاهلا وسهلا   انه التوحيد  الذي   يصلح عليه امر العبيد في الدنيا والاخرة  .

  

    فبدون هذا التوحيد  والمنطلق  والبداية الصحيحة على الطريق  ستجد  العكس  ايها الانسان  التعاسة والفراغ المقهر  والكائبة   والظلمات والهوان والطمس والغفلة  وضيق الصدر  كما يصعد في السماء 

  ان  لم تكن على هذه  المحجة البيضاء  التى  ليلها كنهارها لايزيغ عنها الا هالك  افمن شرح الله  صدره للاسلام فهو على نور من ربه    ومن  يرد  ان يضله   يجعل صدره حرجا كانما يصعد في السماء

  

هذه الحقيقه  ايها الانسان   اما  طريق النجاة وهو الطراط  المستقيم  القويم  وهو نور الله  المبين  واما  طريق الهلاك  والظلمات 

  ولك ان تتخيل  هذه الحقيقه   افترض  ان الناس  اليوم كلهم  على هذا الطريق  على هذا النور المبين  كيف تتصور الحياة ؟؟

 انها أبهي حياة وأسعد  سعادة بين الانس والجان  الاطمنان الابدي  يحل الامن والامان وتكون بركة الله  في ارضه  فالحية تلهو وتلعب مع الصبيان  و  يشبع الجماعة من حبة الرمان ويصرح الذيب مع الشاة في  احسان،  وهكذا.

   والعكس  ايها الانسان  الكريم  المصور في احسن صورة من صنع حكيم ، اذا خرجت عن هذا الطريق   فابشر  بالظلال والهلاك  المبين والكائبة  والظلم  والفساد  قد حل في البر والبحر.  

فالانسان  واحد  مخلوق  من  نفس واحدة لا ابيض ولا سود ولا احمر كلهم من جنس واحد ،  فنفخةرب العزة فيها روحه الكريمه   فلا تنعم الارواح  الا بنور الله  ولا تسعد  الا  بذكر الله فهنيئا   لمن   كان على هذا الدرب  وهنيئا  والف هنيئا له بمعية نور السموات والارض.

تأمل حال الناس اليوم  واسأل نفسك  ما   هذه الحروب  ما هذه الفتن  ماهذه  الفرق ؟ اين طريق النجاة  اين  هذا الطريق  القويم  اين اهله  اين رايته؟ 

  لاتجدها  اخي،  فلو وجدتها  لو جدت  ثمارها  ، واثاراها  في الارض ، وفي حياة الناس متمثلة كالجسد الواحد ، لكن   ما نشاهده اليوم  هو  طريق الهلاك  فلا  بداية  صحيحة ولا منطلق واحد  قويم ،  ولهذا  تشاهد  هذه الثمار والنتائج ، فمن  زرع الشوك لم يحصد العنب .

يقول  ابن القيم   احد روائعه  

قال ابن القيم

" فاعلم أن حاجة العبد إلى أن يعبد الله وحده، لايشرك به شيئا في محبته، ولا في خوفه، ولا في رجائه، ولا في التوكل عليه، ولا في العمل له، ولا في الحلف به، ولا في النذر له، ولا في الخضوع له، ولا في التذلل والتعظيم والسجود والتقرب أعظم من حاجة الجسد إلى روحه، والعين إلى نورها، بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به. فإن حقيقة العبد روحه وقلبه، ولا صلاح لها إلاّ بإلاهِهَا الذي لا إله إلاهو"

     ويقول  ايضا :

" ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله، وكل شر في العالم وفتنة وبلا وقحط وتسليط عدو و غير ذلك فسببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله، ومن تدبر هذا حق التدبر وتأمل أحوال العالم منذ قام إلى الآن وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين وجد هذا الأمر كذلك في خاصة نفسه وفي حق غيره عموما وخصوصا ولا قوة إلى بالله العلي العظيم.""

اللهم عرفنا بك  وبأنفسنا  ودلنا  على الطريق القويم وأجعلنا من أعرف عبادك بك وبأنفسنا وأجعلنا من الذين اشارت اليهم اعلام الهداية ووضحت لهم طريق النجاة وسلكوا سبيل الاخلاص  واليقين 

 اللهم  

انا نتوسل اليه اليك بما توسل به  عبادك الصالحون المخلصون واولياؤك المقربون ان تجعل لنا من الفهم عنك وعن رسولك ما نبلغ به منازل الصديقين وتحشرنا في زمرة العلماء العاملين   واجعلنا من الذين جاوزوا دار الظالمين واستقوا من عين الحكمة وركبوا سفية الفطنة

اللهم انا نشكوك  ضعف قوتنا  وقلة حيلتنا  وهواننا على الناس  برحمتك  يارب العالمين  انت رب المستضعفين وانت ربي ورب العالمين   الى من تكلنا  الى  بعيد  يتجهمنا  او الى عدو ملكته امرنا  ان لم يكن  بك علينا غضب   فلا نبالي  ولكن عافيتك اوسع لنا من ذنوبنا نسئلك بنور وجهك الذي اشرقت له الظلمات  وصلح عليه امر الدنيا والاخرة   من ان يحل بنا سخطك او ينزل علينا عذابك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بك

  اللهم  أقم لنا رايتنا  والتى فيها عزنا وعصمت امرنا  يذل فيها اهل معصيتك  ويعز  فيها اهل طاعتك ،

 اللهم  اجمع شمل الموحدين  ولم  شعثهم   و احمي حوزتهم  ومكن  لنا ديننا  الذي ارتضيته لنا  وأبدل خوفنا  أمنا ، وكد لم  اراد بالمسلمين كيدا  وأشغله في نفسه  انا  ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم .

وصل اللهم  وسلم  وزد وبارك  على  محمد وعلى اله  واصحابه  الطيبين في العالمين  انك حميد مجيد  .